الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
فذهب بعض الفقهاء إلى أن {إلى} الواردة في الآية، بمعنى {مع}؛ ليدخل المرافق في جملة الغسل، وهذا معنى قولهم تدخل الغاية في المغيَّا.
قال ابن كثير: وقوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} أي: مع المرافق، كما قال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2]. [تفسير ابن كثير '3/ 49']
وقال بعضهم إن: {إلى} تفيد انتهاء الغاية، وهذا ما ذهب إليه الشافعية، فيكفي غسل اليد، أما المرفق فلا يدخل فيه، لكن دخوله بدليل آخر.
قال العلامة ابن مالك في ألفيته:
للانتهاء حتى ولام وإلى ومن وباء يفهمان بدلا
وهذا دليل على انتهاء الغاية بحتى واللام وإلى.
وفي المسودة: {مسألة: 'إلى' لانتهاء الغاية ولا تدخل الغاية وان كانت محصورة فيما قبلها إلا بدليل كقوله: 'لي الخيار إلى الليل أو الغد' وكذلك قوله: {إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] إنما دخلت المرافق فيه بدليل آخر وهذا مذهب الشافعي}[آل ابن تيمية: المسودة '1/ 316']، وإنما دخلت المرافق بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله في صفة الوضوء، كما يراه الشافعية.
ويستحب للمتوضئ أن يشرع في العضد؛ ليغسله مع ذراعيه، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: {إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارٍ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ} [رواه البخاري (1/ 39) رقم 136].
وعن أبي هريرة قال: سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ، حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ} [رواه مسلم (1/ 219) رقم 250]. والله أعلى وأعلم.
✍ الشيخ عبد الباري بن محمد خلة