الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فما وجدته هو لقطة: وهي كل مال معصوم، ضلّ عن صاحبه، ويستحب التقاطها، وقيل: يجب؛ وذلك صيانة لها عن التلف والضياع. ويجب على الملتقط أن يعرفها مدة يغلب على الظن أن صاحبها يبحث عنها، وهو سنة، فإن جاء صاحبها وعرفها دفعت له، وإلا حلَّ للملتقط أن ينتفع بها.
وما جاء في السؤال أن الواجد سأل في المكان الذي وجده عنده غير كافٍ فيمكنه:
أولًا- البطاقة موجودة، ويمكنه بواسطتها أن يعرف صاحب المال عن طريق الشرطة.
ثانيًا- يضع إعلانًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان في السابق عن طريق الإذاعات المحلية.
ثالثًا- على الواجد أن يتقي الله فيما وجده؛ فيبحث عن صاحبه بجد وإخلاص.
وأظن أنك مقصر في هذا الأمر، فاستغفر الله وتب إليه، وتواصل مع صاحب المال والبطاقة ورده إليه.
واعلم أن ديننا الحنيف جاء بحفظ الأموال؛ فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللُّقَطَةِ قَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَضَالَّةُ الْإِبِلِ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ أَوْ احْمَرَّ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا. [رواه البخاري (3/13) رقم 2372].
وعن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: وَجَدْتُ صُرَّةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثمَّ أَتَيْتُ، فَقَالَ: عَرِّفهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: اعْرِفْ عِدَّتَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا'. [رواه البخاري (3/ 126) رقم 2437]. والله أعلى وأعلم.
✒ الشيخ عبد الباري بن محمد خلة