تقرير مركز البحوث الأمريكية تقرير جنيف.
المدخن محروم من الحرية... من النظافة... من الصحة... من القوة التي يتمتع بها الذين لا يدخنون.
إن التدخين سبب في أكثر من عشرين نوعاً من الأمراض.
ويسبب التدخين أيضا في اضطرابات الهضم الذي يؤثر على إفراز الغدد اللعابية فيزيد من إفرازها ويتغير تركيب اللعاب كيميائياً فيصبح أكثر قلوية وتقل المادة الهاضمة للنشويات.
والدخان يفسد الأسنان ويضر بالفم وينشر فيه الالتهابات الخبيثة ويضر بالحلق ويفسد أجهزة الجسم ويؤثر على العقل فيفسد التفكير ويضعف الإدراك ويؤدي إلى أمراض خطيرة أعظمها السرطان والعياذ بالله، ويؤدي إلى قتل النفس وإهلاكها.
تصور لو أن إنسانا أحرق ورقة نقدية لقلنا عنه مجنون، فكيف بمن يشتري الدخان بنقود فيحرق ماله، ويضر جسمه، ويؤذي جاره ؟!
يقول بعض المدخنين: أنا حر في فعلي هذا والجواب عن ذلك: أنت لست حرا، فإن التدخين جريمة وأنت لست حراً في نشرها وحريتك أساسها عدم التعدي على حرية الآخرين فضلا عن التعدي على حدود الله تعالى.
فما بالك بالدخان الذي يسرق منك كل يوم مالك فيضر ببدنك، ويؤذي جارك وهو محرم عليك، كما يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (58) سورة الأحزاب، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ' من آذى مسلماً فقد آذاني، ومن آذاني، فقد آذى الله '.
ويزعم بعض الناس أن الدخان لم يرد ذكره في القرآن، لذا هو غير حرام
فأين هم من قول الله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} (38) سورة الأنعام،
ومن القواعد العامة للإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ليحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث
كما قال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} (157) سورة الأعراف.
وقد حرم الإسلام شرب الدخان رغم عدم وجوده في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الإسلام يقرر أحكامه أحيانا بنصوص عامة فكل ضار بالجسم أو مؤذ للجار أو متلف للمال فهو حرام.
وشرب الدخان قد اختلف الناس فيه أول ظهوره؛ ولكن بعد أن ثبت ضرره الآن - صار تحريمه أمرا ظاهراً.
فشرب الدخان وبيعه وشراؤه وتأجير المحلات لبيعه محرّم شرعا؛ لأن في ذلك تعاونا على الإثم والعدوان. ومما يدل على تحريمه:
1. قول الله تعالى: { وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا } [النِّسَاء، من الآية: 5]
وجه الدلالة: أن الله تعالى نهى عن إيتاء السفهاء أموالنا؛ لأن السفيه لا يحسن التصرف. وبيّن الله تعالى أن هذه الأموال هي لمصالح دنيا الناس ودينهم، والذي يتعارض وصرفها في الدخان.
2. قال الله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ }[النِّسَاء، من الآية: 29]
وجه الدلالة: ثبت طبيا أن شرب الدخان سبب لأمراض كثيرة تودي بصاحبها إلى الموت؛ مثل: السرطان، فلا يجوز تناول ما يسبب الموت.
3. ومن صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث كما يقول الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} (157) سورة الأعراف ولا شك أن الدخان من الخبائث الضارة، كريه الرائحة ).
4. قال الله تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأعرَاف، من الآية: 31]
وجه الدلالة: نهى الله عن الإسراف في الشيء المباح فكيف بغيره مما لا نفع فيه
5. فيه تشبه بالفسقة فإنه لا يشربه غالبا إلا الفساق ورائحة فم شاربه كريهة، تؤذي الناس وخاصة في المساجد ونحوها كما وتؤذي الملائكة المكرمين؛ فعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من أكل من هذه البقلة الثوم، وقال مرة من أكل البصل والثوم والكرات فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم » رواه مسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ' إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير '، والمدخن جليس سوء، ينفخ النار ويدعوك إلى الهلاك فلا تطعه.
6. في شرب الدخان تبذير وهو منهي عنه قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} (27) سورة الإسراء.
ونَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعةِ المال؛ ومما لا شك فيه أن صرف المال في الدخان إضاعة له؛ لأنه لا نفع فيه. - يقول صلى الله عليه وسلم -: ' لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن جسمه فيم أبلاه وعن علمه فيم عمل فيه، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، '
7. أما النظر الصحيح والذي يدل على تحريمه: فهو أن العاقل لا يتناول شيئاً فيه ضرره ومرضه ويستلزم نفاذ ماله ؛ فالعاقل لابد أن يحافظ على بدنه وماله، ولا يتعدى على ذلك إلا من كان فاقد العقل والتفكير. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ' لا ضرر ولا ضرار '.
8. ومن الأدلة النظرية على تحريمه: إنه سبب لسوء الخلق فإن شارب الدخان إذا فقده ضاق صدره وتلبدت غيوم أفكاره وانعكر مزاجه ولا يستقيم أمره حتى يعود إلى شربه.
9. ومن الدلائل العقلية على تحريم الدخان أن الله نهى عن كل مسكر، والإسكار مطلق تغطية العقل وإن لم تكن معه الشدة المطربة
ومع أنه لا يسكر إلا أنه يخدر ويفتر أعضاء شاربه الباطنة والظاهرة، وهو نوع من الإسكار فعن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « ينهى عن كل مسكر ومفتر » رواه أحمد وأبو داود.
والمفتر ما يورث الفتور ويخدر في الأطراف، وهو يضر بالبدن والروح ويفسد القلب ويضعف القوى ويغير اللون بالصفرة،
لا تخدع نفسك وتقول إن الدخان مكروه فقط، وإذا كان مكروهاً فلماذا تشربه والمكروه أقرب للحرام منه للحلال ' ومن أتقى الشبهات فقد أستبرأ لدينه، وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام '.
إن التخلص من الدخان حرية من قيد الذل والهوان وهو أمر ليس بالهين، ولا المستحيلة تأمل في كلام الإمام ابن القيم- رحمه الله – حيث يقول: ( إنما يجد مشقة في ترك المألوفات، والعوائد من تركها لغير الله، أما من تركها صادقاً مخلصاً من قلبه لله فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة ليمتحن أصادق هو في تركها أم كاذب، فإن صبر على تلك المشقة تحولت إلى لذة.... ).
جاء في مجلة العلوم الطبية ( إن الإقلاع كلية عن التدخين وبصفة نهائية أفضل من تخفيض عدد السجائر، وذكر التقرير أن أشد فترات المعاناة تأتي خلال الأسبوعين الأولين ).
وجاء في تقرير آخر: أن الذين تركوا التدخين مرة واحدة كانت درجة المعاناة لديهم أقل خلال الأيام القليلة التي تلي الإقلاع، وأن هذا يشجع على المضي.
كما ذكر التقرير أن المقلع في أيامه الأولى قد يشعر بفقدان نسبي في التركيز، وأنه يكون أكثر حساسية للإثارة خلال الأيام الأولى.
وقد يتعرض المجاهد الذي يريد أن يتخلص من الدخان إلى بعض المتاعب، مثل: الصداع، والزغللة، وإحساس بعدم القدرة على التركيز، وشعور بالكآبة، ولكن الصبر الصبر.
فالتدخين عادة، والعادة تتغير. وتركه ليس مستحيلاً.
كيف تتخلص من التدخين ؟
1. استعن بالله على تركه، وأعلم أن الصغائر تعطي حكم الكبائر بأشياء منها:
أ. الإصرار عليها.
ب. التهاون بها.
2. أبتعد عن المدخنين، ورائحة الدخان.
3. لا تجعل قرارك موضع سخرية.
4. لا تملأ المعدة، ولكن تناول عدة وجبات خفيفة.
5. تناول يومياً بعد الإفطار كأساً من عصير الليمون، أو البرتقال، أو الموالح، لأنه يخفف من الرغبة في التدخين.
واخيرا أيها المدخن قف مع نفسك وتذكر وقوفك أمام الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم واحفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وكن لبيبا واتخذ القرار المصيري وآثر ما عند الله على هواك وأسأل الله لي ولك كمال الهداية والتوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة