الشيخ عبد الباري بن محمد خلة | مقالات | آداب المسجد

اليوم : الإثنين 28 ذو القعدة 1446 هـ – 26 مايو 2025م
ابحث في الموقع

آداب المسجد


الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:

فيقول الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 36: 38] وقال الله تعالى: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)} الجن.

وعن أبي سعيد الخدري عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ: قَالَ الله: إِن بيوتي فِي أرضي الْمَسَاجِد، وَإِن زواري فِيهَا عمارها، فطوبى لعبد تطهر فِي بَيته ثمَّ زارني فِي بَيْتِي، فحقّ على المزور أن يكرم زائره} أخرجه أبو نعيم بسند ضعيف.

إن من أعظم الكرامات، أن يذيقك الله تعالى حلاوة الإيمان. وذلك بحب الله وبيوته سبحانه

والمساجد ليست معابد تؤدى فيها طقوس، وحركات فحسب، فقد جعلت الأرض كلها مسجدا وطهورا، فعن أبي ذر رضي الله عنه: قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ قَالَ: 'الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أيُّ قَالَ: الْمَسْجِدُ الأَقْصى قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمًا قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ، فَصَلِّ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ 'أخرجه البخاري. فالإسلام جعل لنا حرية الصلاة في أي مكان وإن كانت المساجد أفضل لكن الصلاة في أي بقعة صحيحة

والمساجد في الإسلام بيوت الله يأوي إليها المسلم منقطعا عن صخب الدنيا، وهمومها ، فيجد المسلم فيها رياضا من رياض الجنة وبستانا من بساتينها فيها مجالس الذكر، وتلاوة القرآن الكريم يصل المسلم فيها إلى صفاء الروح، ومعرفتها بالله يرتقي المسلم من درجة الى أخرى من مجلس ذكر من مجلس قرآن من مجلس تفكر حتى يصبح الإنسان قطعة من النور والصفاء. وفيها مجالس الوعظ والإرشاد تتزكى النفس من النقائص، وتتطهر من الرذائل، وتتحلى بالفضائل والمكارم. فيها مجالس العلم والفقه يتعلم المسلم أمور دينه وحياته

كل هذا في مجتمع إيماني، متعاون قال الله تعالى:{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} سورة المائدة 2.

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي  قال:{ وما جَلَسَ قَومٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ الله ، يَتْلُونَ كِتابَ الله ، ويَتَدارَسُونَه بَينَهُم ، إلاَّ نَزَلَتْ عليهِمُ السَّكينَةُ ، وغَشِيتْهُمُ الرَّحمَةُ ، وحَفَّتْهُم المَلائكَةُ ، وذَكَرَهُم الله فِيمَنْ عِنْدَهُ ، ومَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ ، لم يُسرِعْ بِهِ نَسَبُهُ )) رواهُ مسلمٌ .

 جوائز أربع لمن يتلو كتاب الله ويتعلم ذلك الكتاب, تتنزل السكينة والراحة والطمأنينة وتغشاهم رحمة الله وعفوه وتحفهم ملائكة الرحمن بأجنحتها فيشعر الإنسان المسلم نفسه بأنه ملك من الملائكة في صورة إنسان وبعد ذلك يذكرهم الله في الملأ الأعلى عنده.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ » ،وذكر منهم: « رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالْمَسَاجِدِ » .رواه البخاري

فهنيئا لمن كان قلبه كذلك فان ظل الله ينتظره يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ. رواه مسلم

إن المساجد بيوت الله تعالى، ومن أحب الله تعالى أحب بيوته، وحافظ عليها وأكثر من زيارتها.

والمسلم ضيف على الله والضيف إذا نزل بساحة الرحمن، وحلّ على رب العالمين سبحانه أكرمه.

وإذا كان حق الضيف إكرامه، فإن من واجبه معرفة قدر من يزور، والاستعداد لزيارته، والتأدب في حضرته بما يليق وجلال المزور وعظمته.. لكن المسلم لا بد أن يتأدب مع بيوت الله عند زيارتها.

ومن الآداب الإسلامية لزيارة بيوت الله:

1. التهيؤ للذهاب إلى المسجد بالطهارة والسواك، ولبس الثياب النظيفة، وتقليم الأظافر وترجيل الشعر، والتجمّل والتطيّب.

قال الله تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} سورة الأعراف 31. أي عند كل صلاة فإذا ذهبت إلى المسجد للصلاة فلا بد أن تتأدب بملبسك ومنظرك

عن أبي هريرة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَضَى إلى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَتْ خُطُواتُهُ، إحْدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً». رواه مسلم. وكم للمسلم من خطوات كلما بعد عن المسجد

2. إنهاء الأعمال الدنيوية، عند سماع الأذان، والمسارعة إلى تلبية الرحمن، والذهاب إلى المسجد. قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} سورة الأنفال 24. وقال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [الأنفال: 24]. فإذا سمعت النداء فلا بد أن تستجيب لنداء الله تعالى وتترك كل أمور الدنيا.

وعن أبي هريرة رضي الله قَالَ: { أَتَى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى اَلْمَسْجِدِ, فَرَخَّصَ لَهُ, فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ, فَقَالَ: 'هَلْ تَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ?' قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: 'فَأَجِبْ' } رَوَاهُ مُسْلِم. فلا يتخاذل المسلم عن الصلوات في المساجد ولا يتركها.

3. العمل على تشييدها وبنائها، وابتغاء وجه الله تعالى في ذلك.

فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: 'مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ لِبَيْضِهَا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ'. رواه أحمد بسند ضعيف. أي مهما كان المسجد المبنى صغيرا فان الله يأجر الإنسان على ذلك والأعمال عند الله بالنيات ولا يحتقر المسلم عملا وإن قل.

وعن أنس رضي الله عنه قال: من أسرج سراجا في مسجد لم تزل الملائكة وحملة المسجد يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوئه.

4. محبة المساجد وتقديرها، واحترامها، لأنها بيوت الله تعالى التي بنيت لذكره وعبادته، وتعارف المسلمين ولقائهم على مائدة العلم والحكمة ومكارم الأخلاق..

قال الله تعالى: { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)} سورة الحج.

وقال الله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ليجزيهم الله أحسن ماعملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب} (37) النور.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ المْسجدُ بْيتُ كل تَقيٍّ، وتكفَّلَ الله لمْن كانَ المسْجدُ بيتَهُ بالرَّوح والرحمةِ والجوَازِ على الصِّراطِ إلَى رِضوان الله، إلى الجنة } رواه الطبراني والبزار بسند صحيح.

5. الذهاب إلى المساجد ولو كانت بعيدة، والمشي إليها

فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ إِلَيْهَا مَمْشًى فَأَبْعَدُهُمْ وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ } متفق عليه.

عَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».  رواه أبو داود بسند صحيح.

والبشارة في الحقيقة لا تكون إلا في أمر خير، بشر – يا محمد أولئكم الذين يكثرون من المشي في الليل والنهار إلى بيوت الله تعالى بشرهم بالنور وأي نور إنه التام الذي يضئ لهم طريقهم يوم أن يطفأ نور المنافقين ولم يبق إلا نور المشاءين والمؤمنين.

وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَانَ رَجُلٌ لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ قَالَ فَقِيلَ لَهُ أَوْ قُلْتُ لَهُ لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ قَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ رواه مسلم.

6. دخول المسجد مقدما الرجل اليمنى قائلا: بسم الله، اللهم صل على محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستحضار نية الاعتكاف في القلب ليجمع بين عبادة الصلاة والاعتكاف.

7. الخروج من المسجد مقدما الرجل اليسرى قائلا: اللهم صل على محمد، اللهم إني أسألك من فضلك.

فعن أبي أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيُسَلِّم على النَّبيّ صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُم ليَقُلِ : اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإذَا خَرَجَ فَلْيَقُلِ : اللَّهُمَّ إني أسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ }. رواه مسلم.

8. صلاة ركعتين سنة تحية المسجد قبل الجلوس.

فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ } متفق عليه. ولو دخل المسجد وأقيمت الصلاة فصلاة الفرض تحية للمسجد .

9. تجنب أكل الثوم أو البصل، وما له رائحة كريهة. لأن ذلك يؤذي من بجوارك

فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا } متفق عليه.

وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الإِنْسَانُ )) . وفي روايةٍ (( بني آدمَ )) . } متفق عليه.

10. تجنب تلويث المسجد بشيء من القاذورات أو النجاسات.فعن أنس عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي بال في المسجد:{ إنَّ هَذِه المَساجدَ لا تَصْلُحُ لِشيءٍ مِنْ هَذَا البَولِ وَلا القَذَرِ، إنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعالى وَقَرَاءَةِ القُرآنِ } رواه مسلم.

11. تجنب اللهو واللعب والثرثرة، ورفع الأصوات بما يشوّش على المصلين

والذاكرين. فعن السائب بن يزيد الصحابي قال: كنت في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أين أنتما؟ فقالا: من أهل الطائف فقال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال { ألا إنَّ كلَّكمْ مُناجٍ رَبَّهُ فلا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكمْ بَعْضاً ولا يَرْفَع بَعْضُكمْ على بَعْضٍ في القِرَاءَةِ } رواه النسائي بسند صحيح.

12. تجنب الخصومات والاشتغال بأمور الدنيا، والبيع والشراء، وإنشاد الشعر الفاحش. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ وَعَنْ الْحِلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ }. رواه أحمد بسند حسن.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:' إذَا رأيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أوْ يَبْتَاعُ في المَسْجِدِ فَقُولُوا : لا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجارَتَكَ، وَإذَا رَأيْتُمُ مَنْ يَنْشُدُ فيهِ ضَالَّةً فَقُولُوا : لا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ' } رواه الترمذي بسند حسن. وليس المقصود الدعاء على من يبيع وينشد وإنما المقصود هو زجر من يفعل ذلك.

وقال سعيد بن المسبب: من جلس في المسجد فإنما يجالس ربه، فحقه ألا يقول إلا خيرا. فمن جالس إنساناً كريماً محترماً فلا بد أن يتأدب معه في كلامه وأفعاله فكيف إذا كان هذا الجليس هو ملك البيت ومالك الكون وملك الملوك سبحانه.

13. تجنب السمر، والوقوع في المحرمات كالغيبة والنميمة والكذب. فكل ذلك من الكبائر.

14. صيانة المسجد، والمحافظة على نظافته فعن عائشة رضي الله عنها قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور ـ أي في الأماكن التي تبنى فيها البيوت ـ وأن تنظف وتطيّب. رواه أحمد وأبو داود.

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{عُرِضَتْ عَلَىَّ أُجُورُ أُمَّتِى حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَعُرِضَتْ عَلَىَّ ذُنُوبُ أُمَّتِى فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا } رواه أبو داود وضعفه الألباني .

15. تجنب التطيب والتزين للمرأة.

فعن زينب الثقفية رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِد فَلَا تَمَسّ طِيبًا } رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد إذ دخلت امرأة من مزينة ترفل في زينة لها في المسجد، فقال صلى الله عليه وسلم:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ في المَسْجِدِ فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمُ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرْنَ في المَسَاجِدِ } رواه ابن ماجه بسند ضعيف.

16. تجنب تلويث المسجد بالبصاق أو النخامة، وإزالتها إن وجدت.

فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال{ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا } متفق عليه. فلا ينبغي على المسلم أن يحدث القذر في المسجد بل يعمل على المحافظة عليه.

وعن عائشة رضي الله عنها{ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي جِدار الْقِبْلَةِ مُخاطًا، أَوْ بُصَاقًا، أَوْ نُخَامةً فَحَكَّهُ }. متفق عليه.

17. تجنب الاحتباء وتشبيك الأصابع وفرقعتها والعبث بها في المسجد.

فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: دخلت المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رجل جالس وسط المسجد محتبيا مشبّكا أصابعه بعضها على بعض فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن لإشارته، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:{ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَلاَ يُشَبِّكَنَّ ، فَإِنَّ التَّشْبِيكَ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَزَالُ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ } رواه أحمد بسند حسن.

18. عدم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر.

فعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمَسْجِدِ يَمْشِي فَأَتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه مسلم.

وذلك إذا لم يكن هناك ضرورة فإن كان هناك ضرورة أبيح ذلك أو خرج لمسجد أخر يريده على أن يدرك تكبيرة الإحرام في المسجد المقصود.

وهكذا أيها الإخوة والأخوات فهذه هي المساجد وهي بيوت الله تعالى وهذه بعض من آدابها وعلى المسلم أن يتأدب مع مولاه وخالقه وبالله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

                       الشيخ عبد الباري بن محمد خلة

 

الأكثر مشاهدة


أحاديث الإسراء والمعراج كما جاءت في صحيحي البخاري ومسلم

لقمة الزقوم والقلاش ذوق الطعام من البضاعة قبل الشراء

النفاق الاجتماعي وأثره على الفرد والمجتمع

الاشتراك في القائمة البريدية