الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين
اصطفى وبعد:
فالاستسقاء طلب السقي بنزول الغيث.
وصلاة الاستسقاء: طلب سقيا العباد من الله تعالى عند حاجتهم إليها. الإقناع للشربيني (1/ 191)
ويستحب للإمام أن يأمر الناس بالتوبة والاستغفار والتقوي فإن هذه من معجلات الفرج والغيث قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ ( غافر:60 ).
وقال الله تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } سورة النور الآية 31
وقال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا } سورة التحريم
وقال الله تعالى على لسان نوح عليه الصلاة والسلام لقومه: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا10 يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } سورة نوح الآية 12
وقال الله تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } سورة البقرة الآية 186
وقال الله تعالى: { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } سورة الأعراف الآية 55
وقال الله تعالى: { وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } سورة الأعراف الآية 56
وقال الله تعالى: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ } سورة الأنفال الآية 9
وقال الله تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ } سورة الأعراف الآية 96
وقال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق الآية 2،3
وقال الله تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } سورة الطلاق الآية 4
وقال الله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } سورة التوبة الآية 71
حكم صلاة الاستسقاء:
صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) رواه البخاري ومسلم.
وعَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ شَكَى النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُحُوطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ فِى الْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ قَالَتْ عَائِشَةُ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَبَّرَ -صلى الله عليه وسلم- وَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ قَالَ « إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَاسْتِئْخَارَ الْمَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ ». ثُمَّ قَالَ « (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْغَنِىُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغًا إِلَى حِينٍ ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ فِى الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا بَيَاضُ إِبْطَيْهِ ثُمَّ حَوَّلَ عَلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَقَلَّبَ أَوْ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَنْشَأَ اللَّهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكِنِّ ضَحِكَ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فَقَالَ « أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ وَأَنِّى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ » رواه أبو داود بسند حسن.
مكان صلاة الاستسقاء: مكانها الصحراء كالعيد. ويجوز أداؤها في المسجد والأفضل في الصحراء.
وقت أداء صلاة الاستسقاء:
اختلف الفقهاء في الوقت الذي تؤدى فيه صلاة الاستسقاء على قولين:
القول الأول: وقتها وقت صلاة العيد.
القول الثاني: لا تختص بوقت، بل تجوز في كل وقتٍ، إلا أوقات الكراهة وهذا هو الصواب.
وقت الخطبة: تكون الخطبة بعد الصلاة كالعيد وهذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم ويجوز أن تكون الخطبة قبل الصلاة وهذا ثابت أيضا
وجاء في بعض الروايات أنه ركع ثلاثة ركوعات وفي أخرى أربعة ركوعات وبعضها خمسة ركوعات؛ لكن الراجح وما عليه الجماهير
أن صلاة الاستسقاء ركعتان في كل ركعة قراءة وركوع وسجدتان
صفة صلاة الاستسقاء تصلى كصلاة العيد؛ وتُصلّى في المصلى ركعتين، يُكّبر في الأولى سبعاً سوى تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة الانتقال، ومن السنة أن يقرأ في الأولى: الفاتحة وسورة الأعلى، وفي الثانية: الفاتحة وسورة الغاشية، ثم يخطب الإمام خطبة واحدة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما لما سُئل عن استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مُتَبَذِّلاً مُتَواضِعاً مُتَضَرِّعاً حَتَّى أَتَى المُصَلَّى فَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ وَصَلَّى رَكْعَتَينِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي العِيدِ) رواه أبو داود بسند حسن.
ومن أنواع الاستسقاء الدعاء فيجوز للإمام في خطبة الجمعة أن يدعو ويستغيث وهذا وارد عنه صلى الله عليه وسلم.
ومن أنواع الاستسقاء الدعاء فقط فيجوز للإمام أن يدعو من غير صلاة ولا خطبة.
آداب الخروج للاستسقاء:
ويخرج الإمام ومن معه من المسلمين إلى العراء بعيدا عن الأبنية ويراعي تلك الآداب في الخروج وهي:
1. يعظ الإمام الناس ويحثهم على التوبة وكثرة الاستغفار والخروج من المظالم؛ والابتعاد عن المعاصي والذنوب فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ' يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ وذكر منها: وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا. رواه ابن ماجه بسند صحيح.
وإن تقوى الله وطاعته سبب لرضى الله وكثرة البركات، قال الله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ( [الأعراف: 95].
ويسن لصلاة الاستسقاء الغسل والنظافة والسواك كصلاة الجمعة.
2. الخروج بالصفة التي اتصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم من المتواضع المتضرع؛ لحديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم (خَرَجَ مُتَبَذِّلاً مُتَواضِعاً مُتَضَرِّعاً حَتَّى أَتَى المُصَلَّى...) ، ومتبذلاً: أي غير متزيِّن.
3. يخرج أهل الصلاح والعلماء والعباد والضعفاء لكونهم أقرب إلى الله من غيرهم حيث يُتوسل إلى الله بدعائهم، فعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ. رواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيكَ بِنَبِيِّنا فَتَسْقِيَنَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنا فَاسْقِنَا، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ) رواه البخاري.
وعن سليم بن عامر (أَنَّ النَّاسَ قَحَطُوا بِدِمَشْقَ، فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَسْقِي بِيَزِيد بن الأسود) رواه ابن عساكر بإسناد صحيح.
4. يكثر الخطيب من الاستغفار، مستحضرا الآيات التي تدل على الاستغفار أو سبب الخير كقول الله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)} هود: 3
وقول الله تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) } [هود: 52، 53]
وقول الله تعالى: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} نوح: 10، 11،12.
5. من السنة أن يرفع الإمام يديه إلى السماء ويجعل نحو السماء ظهورهما؛ فعن أنس رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ) رواه مسلم.
6. ويدعو الإمام في الاستسقاء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، واذكر بعضا من هذا الدعاء:
1. (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْغَنِىُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغًا إِلَى حِينٍ) رواه أبوداود عن عائشة رضي الله عنها بإسناد حسن.
2. (اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ) رواه أبو داود عن جابر رضي الله عنه بإسناد صحيح.
3. (اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْىِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ) رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بإسناد حسن.
7. ويستقبل القبلة في أثناء الخطبة ويقول سراً: اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك، وقد دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا؛ فعن عبَّاد بن تيم المازني عن عمِّه قال: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قَالَ: فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَدْعُو...) رواه البخاري ومسلم.
8. ثم يُحوّل رداءه عل الله أن يحول الحال إلى أفضل بأن يجعل الأيمن الأيسر والأيسر الأيمن؛ فعن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد: (... وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ عِطَافَهُ الأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْسَرِ، وَجَعَلَ عِطَافَهُ الأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ دَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وقد حول النبي صلى الله عليه وسلم رداءه تفاؤلاً.
9. إن لم يسقوا أعادوا الاستسقاء مرة ومرة.
10. وإذا نزل المطر عليهم، فيستحب أشياء منها:
1. الوقوف في المطر فهو قريب عهد بربه؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: (أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى) رواه مسلم.
2. الوضوء من هذا الماء وبل الجسم منه؛ فعن يزيد بن الهاد أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَالَ السَّيْلُ قَالَ: اخْرُجُوا بِنَا إِلَى هَذَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا فَنَتَطَهَّرُ مِنْهُ وَنَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهِ) رواه البيهقي بإسناد ضعيف. لكن العمل به.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما (أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ يَقُولُ: يَا جَارِيَة! أَخْرِجِي سَرْجِي، أَخْرِجِي ثِيَابِي، ويقول: ) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً. رواه البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح.
3. إذا كثرت الأمطار وازدادت وخيف الضرر فيستحب الدعاء بما دعا النبي صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ) رواه البخاري ومسلم.
والآكام التلال، والظِّراب الجبال الصغيرة، وبطون الأودية: الأماكن المنخفضة، ومنابت الشجر: أصولها.
4. ويشكر المسلم ربه بهذا الغيث ويقول ما علمنا إياه الحبيب صلى الله عليه وسلم مُطرنا بفضل الله ورحمته ولا يقول مطرنا بنوء كذا؛ فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قَالَ: (صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ. رواه البخاري ومسلم.
والنوء: النجوم التي تظهر في السماء، كالثريا والدبران والسِّماك.
من ادعية النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء
اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ
اللهمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مُرْبِعًا طَبْقًا عَاجِلاً غَيْرَ رَائِثٍ نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ،
اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لاَ سُقْيَا عَذاب ولاَ بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غَرَقٍ اللَّهم على الظِّرَاب ومَنَابت الشجَر
اللَّهُمَّ اِسْقِ بَلَدك وَبَهِيمك، وَانْشُرْ بَرَكَتك. اللَّهُمَّ اِسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مُرِيعًا طَبَقًا وَاسِعًا عَاجِلًا غَيْر آجِل نَافِعًا غَيْر ضَارٍ، اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَة لَا سُقْيَا عَذَاب، اللَّهُمَّ اِسْقِنَا الْغَيْث وَانْصُرْنَا عَلَى الْأَعْدَاء
اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلَّلًا عَامًّا طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالْفَتْكِ مَا لَا يَشْكُو إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنَبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفْهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا
اللَّهُمَّ أسقنا، اللهم اسْقِ عِبَادَكَ، وَبَهِائمكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ.
اللَّهُمَّ إِنَّ عِنْدَكَ سَحَابًا، وَإِنَّ عِنْدَكَ مَاءً فَانْشُرِ السَّحَابَ ، ثُمَّ أَنْزِلْ فِيهِ الْمَاءَ، ثُمَّ أَنْزِلَهُ عَلَيْنَا، فَاشْدُدْ بِهِ الْأَصْلَ، وَأَطِلْ بِهِ الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ بِهِ الضَّرْعَ، اللَّهُمَّ شَفِّعْنَا فِي أَنْفُسِنَا وَأَهْلِينَا، اللَّهُمَّ إِنَّا شَفَعْنَا إِلَيْكَ عَمَّنْ لَا مَنْطِقَ لَهُ عَنْ بَهَائِمِنَا وَأَنْعَامِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا سَقْيًا وَادِعَةً بِالِغَةً، طَبَقًا، عَامًّا، مُحْيِيًا، اللَّهُمَّ لَا نَرْغَبُ إِلَّا إِلَيْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ سَغَبَ كُلِّ سَاغِبٍ، وَغُرْمَ كُلِّ غَارِمٍ، وَجُوعَ كُلِّ جَائِعٍ، وَعُرْيَ كُلِّ عَارٍ، وَخَوْفَ كُلِّ خَائِفٍ فِي دُعَاءِ لَهُ
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا
اللهم صيبًا نافعًا
اللهم أسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً غدقاً مجللاً صحا طبقاً عاماً نافعاً غير ضار، تحيي به البلاد وتغيث به العباد وتجعله يا ربِّ بلاغاً للحاضر والباد.
اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إلى حين. والله أعلى وأعلم.
الشيخ عبد الباري بن محمد خلة